الخميس، 21 فبراير 2008

هـل يـتـوب بن لادن؟

هل يستفيق أسامة بن لادن، يوما ما، و يعلـن أمام الملأ توبته قبـل أن تـُـعلن من قبل آخرين كهزيـمة؟ هـل يستغل أبو الجهاد الإلكـتروني ما تبـقى له من صيت في أوسـاط الـجهاديين و يـسـتـبق الهزيمة المحتومة؟ هل يعترف يوما بأن ما اقترفه من جرائم ضد المسلمين بصورة مباشرة في العراق و أفغانستان أو غير مباشرة بأفعاله التي جعلت العالم بأسره ينظر إلى كافة المسلمين نظرة شك و ريب، هل يعترف بأن هذه الأفعال ضررها أكثر من نفعها؟ هـل يعترف يوما بأن العشرات من الآلاف من المسلمين الذين قضوا نحبهم في العراق بفضل سياراته المفخخة ضحايا لأفكاره الشاذة الغريبة عن سماحة الإسلام نظريا و عمليا ماتوا خطأ بسبب نزوة شخصية عابرة؟

لقد أ ُعطي أسامة بن لادن قدرا كافيا من الوقت وفرصا عديدة لمراجعة نفسه و العودة إلى جادة الصواب و لعله يدرك يوما أخطاءه و يتراجع عن خطته الجهنمية لتكفير المسلمين و خلق الفتنة بين فرقهم لسبي النساء و رفع أعداد الآرامل و الأيتام. فسماحة الإسلام تدعو أهل الخطايا إلى الإعتراف بأخطاءهم طلبا للرحمة والمغفرة، فقد جاء في سورة النور، الآية 31 "و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون."

فإن كان بن لادن مؤمنا بحق فما عليه إلا أن يكف عن تحريض الشباب المسلم لقتل المؤمنين و سفك دماء البشر من مسلمين و غير مسلمين، ذلك أن زرع الفتنة و قتل الروح البريئة من أسوء ما يمكن للمسلم أن يقترفه. و إن كان بن لادن مؤمنا بحق فما عليه إلا أن يعد خطابا مفصلا يقرأه على الملأ عبر الوسائل الإعلامية التي إعتاد استعمالها لمخاطبة مستميعه ليحث الشباب على وقف الأعمال الإجرامية التي تزهق أرواحهم و أرواح الأبرياء من المسلمين في العراق و الجزائر و أفغانستان و غيرها من البلاد التي يقطنها الشباب المسلم الذي يبحث عن أجوبة لأسئلة محيرة و لم يجدها في كلمات بن لادن الرنانة التي تدعو إلى القتل و الدمار.

هناك مؤشرات على تراجع خطاب بن لادن في أوساط الشباب، كما أن هناك مؤشرات تدل على تغير منهجي في لغة بن لادن الدعائية حيث ظهرت في الآونة الأخيرة و كأنها أصيبت بوهن و ترهل. فقد ذكر في رسالته الصوتية "إلى الشعب العراقي" أن مجال التوبة مازال مفتوحا، قائلا: "و ينبغي المسارعة و التوبة إلى الله تعالى من الذنوب و لا سيما الكبائر كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المؤمنات الغافلات (متفق عليه)." و لعل الأفكار الواردة في مراجعات السيد إمام و توبة هذا القائد الجهادي أثرت أيما تأثير على مجرى الأحداث و دفعت بأسامة بن لادن إلى التفكير في استباق الأمور، قبل انفلاتها، و استفحال ظاهرة المراجعات و التوبة في أوساط الجهاديين.

و قد يكون هذا التوجه للتوبة و الإعتراف بالخطأ نتيجة لليأس الذي بات يخيم على مضاجع الإسلامويين و يعكر صفو حياتهم بسبب الهزائم الميدانية و عدم تحرك قضيتهم قيد أنملة منذ إعلانهم الجهاد ضد البشرية جمعاء. فالقضية الأم، القضية الفلسطينية، لم يصلها صدى خطابات و خرجات بن لادن الإعلامية حيث لم تجد أذنا صاغية و لم يعلن إنتحاري فلسطيني و احد بأنه أقدم على فعلته تحت تأثير بن لادن أو أي واحد من أتباعه، بل أصدرت الجماعات الفلسطينية بيانات تحذر فيها القاعدة من تبني قضيتها خشية تحويلها من مسارها التحرري الأصلي. كما أن المسلمين لم ينتفضوا، شرقا وغربا، لتطبيق ما يدعو إليه بن لادن و أتباعه من قتل و حرق ودمار.

إن الله يمـهل و لا يهمل. هذا القول نداء لبن لادن ليراجع نفسه و يعود إلى الطريق المستقيم و ذلك قبل فوت الأوان. و هنا أقول قبل فوات الأوان لأن ملامح الهزيمة النكراء لما يسمى بالقاعدة و ما تسميه جهادا بهتانا و افتراء باتت واضحة. فخير لبن لادن و أزلامه أن ينسحبوا بشرف، إن بقي هنالك شرف، و يسألوا الله المغفرة و التوبة و يخلصوا البشرية من شر ما خلق.






ليست هناك تعليقات: