الثلاثاء، 12 فبراير 2008

أيمن الظواهري و العقدة المزمنة للقيادة المفقودة

المتتبع للساحة الإعلامية-الجهادية يلاحظ تزايد وتيرة الصراع على القيادة في صفوف القاعدة و فروعها في مختلف أصقاع العالم. فأيمن الظواهري، الذي قضى معظم حياته الجهادية في ذيل الترتيب القادي و بات يجد نفسه في الصف الثاني مع مرور السنوات و العقود، صعد من لهجته الإعلامية-الجهادية في محاولة يائسة اخرى للصعود إلى المواجهة و بسط سيطرته على التنظيم الجهادي الذي ما فتئ يتلقى ضربة تلو الأخرى إبتداء من أرض المعركة الميدانية في العراق و أفغانستان و انتهاء بحلبة الصراع الفكري-الديني بمصر حيث برزت مراجعات السيد إمام أو الدكتور فضل و أضحت خنجرا في قلب السلفية الجهادي و قيادتها بصفة عامة, و ايمن الظواهري بصفة خاصة.


فالدكتور فضل هو صاحب الفضل, إن جاز التعبير, في تأسيس التيار الجهادي في اكبار البلدان العربية سكانا, مصر, معقل اللإسلام و الحركات الإسلامية الإصلاحية, منذ الدولة الفاطمة إلى اللإخوان المسلمين إلى الجماعة الإسلامية. سيد إمام, كما يفضل اللآلاف من أتباعه تسميته, رجل العلم الغزير و صاحب التاريخ الجهادي الحافل, هو القائد الروحي و العملي للجماعات الجهادية الحديثة بدون منازع. فبعد أن نال من العلم الشعري ما يكفي ليتبرع على عرش الإفتاء العلمي – الجهادي دخل حلبة الجهاد من بابه الواسع و استطاع ان يستميل الشباب المسلم في مصر و العالم العربي زرافات و احدانا بفضل علمه الموسوعي و حنكتهو حبكته القيادية التي جعلت منه قائدا لابد منه في زمن ولت فيه القيادات و اندحرت فيه الشعارات تاركة الميدان الأشبه القادة و منظري الإنترنت من أمثال الظواهري و أبي يحي الليبي و ثلة المقاومين القابعين خلف شاشات الكمبيوتر.


سيد إمام لا يحتاج للجلوس أمام الكاميرات و الظهور أمام الملأ ليثب وجوده أو يدعم أفكاره: فقد كان دائما و ما يزال يستطيع أن يحرك جموع الشباب المؤمن في الخفاء بكلمات تحمل في طياتها أجوبة لأسئلة سئلت وأخرى لم تسؤل بعد, بينما يحتاج تلميذه المتعطش للقيادة, أيمن الظواهري, أن يطل تكرارا و مرارا على هذا الشباب العربي المحبط دون أن تحدث كلماته الرنانة الحاملة لذلك الخطاب الأجوف الزلزال الذي يصبو إليه في تجنيد الشباب المسلم في حملته ضد الغرب و الأنظمة العربية منذ أن ظن أنه الخليفة الطبيعي لأميره و سيد قراره اسامة بن لادن.


لذا تبدو الخرجات الإعلامية المتكررة للظواهري و كأنها نداءات يأس من رجل مغضوب عليه في صفوف جماعته يحاول كل ما في وسعه الخروج من قوقعته كي يظهر للعالم أن جذر إسمه هو الظهور, و قد لا يتجاوز الواقع جذر إسمه ليخلده في محله الدائم ألا و هو الظهور على الشاشات يهرج و يكشر بحثا عن كرسي القيادة الذي يبدو و كأنه يتهرب منه كلما حاول الجلوس عليه أو اقترب منه. و بما أن جذر إسمه يوحي ايضا بأنه ظاهرة فلعله يؤمن بذلك, لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, فأيمن الظواهري حقا ظاهرة, لكنه ظاهرة صوتية ليس إلا. فقد تحدث الظواهري كثيرا و حاول إستمالة الشباب المسلم باستثماره في الهذر عن القضية الفلسطينية فلم يفلح في ذلك, لأن الجهاد الذي يصبو إليه لم يتحرك قيد أنملة و قوافل الجهاديين الفلسطينيين الذين كان يتصور أن يحركهم بنقرة كمبيوتر بمجرد القذف و القدح في حق القادة الفلسطينيين الشرعيين.


شتان بين رجل يحرك و يسكن الشارع بحبر أسود على ورق أبيض يدون كلماته مرة أو مرتين في كل عقد و رجل يظهر على الشاشات بكرة و أصيلا يهدد و يتعود و لا يجد أذنا صاغية. ذلك هو الفرق بين رجل ولد و عاش قائدا و رجل ولد و عاش تابعا.






ليست هناك تعليقات: