الجمعة، 21 مارس 2008

أيمن الظواهري يرثي ضحاياه و يقر بهزيمته

عجيب أمر أيمن الظواهري، الرجل الذي وُلِد ليحي رقما ثانيا إلى آخر أيامه. ها هو "القيادي" الذي لا يقود سوى الكلمات الجوفاء على شبكة الإنترنت يخرج بخرجة أخرى تدعو أكثر من سابقاتها إلى الضحك و السخرية. فالدكتور الشيخ، كما يسميه صديقه في الإرهاب الفكري عبد الباري عطوان، خرج علينا هذه المرة برسالة أخرى سماها رثاء أبي ليث الليبي.

أن يرثي الظواهري ضحيته، الذي بات مؤكدا بأن له الضلع الأكبر في التخلص منه بسبب تنامي دور المقتول في قيادة القاعدة، فهذا شيء عادي، لأن الظواهري يريد برثاءه لليبي أن يبرأ ساحته و يستبق أية إتهامات له بمقتل القيادي الصاعد. أما أن يستعمل هذه المناسبة للرد على مراجعات شيخه و معلمه سيد إمام الفضل فذلك أمر لا يستدعي الحيرة لأن الرجل عودنا منذ رحيله إلى أفغانستان و محاولاته اليائسة للتربع على عرش القاعدة أنه يفعل كل ما في وسعه، حلال كان ذلك أم حرام، كي يقود خوارج القاعدة، مهما كلف الثمن.

مسألة غدر الليبي و التخلص منه من قبل الظواهري أمر مفروغ منه لأن الرجل عازم على مواصلة قتل المسلمين سواء بطريقة مباشرة مثل ما يفعله في اقتناص كل من تسول له نفسه أن ينافسه على قيادة القاعدة، أو بطريقة غير مباشرة على غرار ما يقوم به بتحريض و دفع الشباب المسلم إلى الإنتحار و القتل و الدمار في العراق و الجزائر و غيرها من بلاد المسلمين.

ليس بالجديد في حياة الشيخ الدكتور قتل المنافسين و المناوئين. فقد أفاد الإستخبارات المصرية بعيد مقتل السادات بكل التفاصيل المتعلقة برفاقه في الجهاد المصري و إلصاق التهم بهم، أدت إلى اعتقال أعداد منهم و إعدام نفر منهم. و كان من ضحايا الظواهري في تلك الفترة شباب آمنوا بقضية الجهاد، نذكر منهم عصام القمري، إبراهيم سلامة، و نبيل نعيم.

إذن، ليس القتل جديدا في حياة الشيخ. و أول ضحية له ذلك الشاب اليافع الذي لم يتعد الخمسة عشر ربيعا حينما أصدر الشيخ الدكتور قرارا بإحالته على "المحكمة الشرعية" التابعة للجهاد المصري و بإعدامه لاحقا في القاهرة في الثمانينات بتهمة العمل كمخبر للإستخبارات المصرية، كما ذكر رفيق الظواهري و محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات. تلى هذا الإغتيال إغتيالات أخرى على يد أو بأمر من الظواهري كقتل زعيم الأفغان العرب الشيخ عبد الله عزام في باكستان سنة 1989 بعدما تآمر عليه رفقة أسامة بن لادن لقتله و إفساح المجال لبن لادن ليتربع على ما يسمى بالمجاهدين و اختيار الظواهري "رقما ثانيا" له.

و مما لا شك فيه أن أيمن الظواهري هو الذي دبر مقتل أبي ليث الليبي موقعا إياه في الكمين الذي أودى بحياته. ذلك أن نجم الليبي الصاعد بدأ يضيء الطريق أمام مقاتلي القاعدة و أجزاء من قياداتها الأيديولوجية و الميدانية لرفع الليبي و ترقيته إلى منصب أعلى ينافس من خلاله الظواهري على منصب "الرقم الثاني." فالليبي أصبح يحضى باحترام الكثير نظرا لكفاءاته العسكرية العالية و البلاغية و الفقهية التي اكتسبها خلال العشرين سنة التي عاشها في حقل العمليات في أفغانستان و ربما في مناطق أخرى.

في انتظار ضحية أخرى من ضحايا أيمن الظواهري من أقطاب القاعدة، و بالخصوص الليبيين منهم، نظرا للمنافسة التاريخية بين المصريين و الليبيين على الريادة، نلقى نظرة خاطفة على المغزى الحقيقي لرسالة الظواهري ألا و هو الرد على السيد إمام و مراجعاته و التي أضحت هاجسا يلازمه و يطارده و يعكر صفو حياته.

لذلك جاء رثاء أبي ليث الليبي مناسبة للدعاية لرسالته المكتوبة التي يتهجم فيها على معلمه الدكتور فضل محاولا تارة الظهور بوجه متسامح و تارة بأسلوب عقابي و تحذيري ضد الشيخ التائب و أتباعه.

جاءت، إذن، "التبرئة: تبرئة أمة القلم و السيف من منقصة تهمة الخور و الضعف" لترد بحزم على ما جاء من حقائق و إرشادات في كتاب سيد إمام "وثيقة ترشيد الجهاد في مصر و العالم." ذلك أن السيد إمام أماط اللثام عن الماضي الدموي و الإنتهازي لأيمن الظواهري، كاشفا عورة طبيب المعادي الذي يحاول عبثا الظهور بمظهر القائد المغوار و الفقيه العالم. فليس في الظواهري صفة واحدة من صفات القائد و لا مؤشرا واحد على غزارة علمه الديني. بل خلاف ذلك، كل الدلائل تشير إلى العكس: حتى الصفحات الجهادية الإلكترونية التي يكتبها و يحررها المراهقون العاطلون عن العمل في مختلف أصقاع العالم الإسلامي لا تذكره بالقائد و لا تنعته بالعالم. ذلك لأن القيادة كاريزما و الإمامة معرفة و بلاغة. إنه مجرد طبيب أكثر ما يمكن أن يقال عنه أنه طبيب رديء. و يذكر الدكتور فضل في حديث له مع صحيفة الحياة أن الظواهري كان طبيبا من الناحية النظرية فقط، إذ أنه لم يكن بمقدوره القيام بعمليات جراحية إلا بعدما قضى مدة طويلة تحت مراقبة الدكتور فضل و تعليمه إياه إجراء العمليات الجراحية في المستشفى الكويتي ببيشاور الباكستانية.

يعترف أيمن الظواهري بأن مراجعات السيد إمام جعلته يجد نفسه "في موقف في غاية الحرج، إن أنا سكت زعم المستفيدون من كتابة الوثيقة أنهم نجحوا في تشكيك المجاهدين في منهجهم...و إن أنا رددت فربما يكون ردي إنتصارا لنفسي." ليس هناك إعتراف بـِشرّ الهزيمة أكبر من هذا الإعتراف الذي يؤكد الصدى المدوي لكلمات الدكتور فضل و وقعها على قلوب وعقول الشباب المغرر بهم في كهوف باكستان و أفغانستان و العراق و غيرها.

و لعل اعتراف الظواهري بأن هذه المراجعات صاحَبها "ضجة و اهتمام" إعتراف مباشر بأن الساحة الإعلامية التي يحاول الإستحواذ عليها بالظهور بمناسبة أو بغير مناسبة ضاقت به وأصبحت تعج بوجوه أخرى غير وجهه، و برسائل أخرى غير رسالته الدموية.

و ما قول الظوهري بأن رده هذا على السيد إمام "من أصعب إن لم تكن أصعب ما كتبت في حياتي" إلا اعتراف بضآلة وزنه أمام حضور السيد إمام و اضمحلال رسالته أمام الكلمات المضيئة التي دونها أستاذه الدكتور فضل و التي غدت سيفا قاطعا في عالم الظواهري.

ثم يعلن الظواهري بأنه لن يتوانى عن القيام بأي شيء في سبيل الخلاص بنفسه، فيستبق الأحداث قائلا: "فإني أعلن لجميع المسلمين أنه لو أسرت أوغيري...لا تقبلوا منا إلا ما كتبناه و قلناه قبل الأسر ليس بعد." معنى ذلك أنه مستعد للتضحية بأي شخص كان و بأي مبدأ كان كي يحصل على رضا السلطات إذا ما وقع في الأسر. و معنى ذلك أيضا أنه مستعد للتغير و التبدل حسب ما تمليه الظروف. يا له من نفاقِ، و يا له جبن!

و الظواهري لا يتردد، كما أسلفنا، في استعمال كل الوسائل لبلوغ أهدافه. فمرة يدل على مواقع رفاقه من المجاهدين ليتسبب في قتلهم أو سجنهم و مرة يقتلهم و مرة يحرف كتبهم أو ينحلها و يعيد نشرها باسمه كما فعل حين حوّر كتاب السيد إمام "الجامع في طالب العلم الشريف" و أعاد نشره محشوا بأفكار تخدم مآربه و هذا ما جعل سيد إمام يتهم الظواهري و جماعته بالزندقة و السرقة و التزوير.

هذه المرة أيضا يحاول الظواهري تزييف الواقع و تعليل جرائمه مستدليا بأحاديث شريفة و أقوال أئمة سابقين كلها خارجة عن سياقها التاريخي. و كعادته راح يسرد وقائع تاريخية و أقوالا مشهورة، يحاول عبثا تبرير الأعمال الإجرامية التي تقوم بها جماعاته الإرهابية و التي يذهب ضحيتها المئات من الآلاف من المسلمين الأبرياء في أفغانستان و العراق و الجزائر. و هكذا يتحدث فضيلة الشيخ في تبريراته و مسوغاته، قائلا: "النساء و الصبيان و من لا يجوز قتله منفردا يجوز قتلهم إذا كانوا مختلطين بغيرهم و لم يمكن التمييز." يعني فضيلة الشيخ أن مجاهديه يمكن لهم قتل عشرات الأبرياء من الأطفال و الأبرياء في كل عملية يقومون بها ضد ضابط عسكري حكومي مثلا. ثم ضرب الشيخ مثالا آخر لتبرير قتل النساء و القصر قائلا: "إن القادة المسلمين كانوا يستعملون المنجنيق...و قد يصيب من يسميهم هؤلاء بالأبرياء...و يجوز رمي الكفار بالمنجنيق و لو قتل بلا قصد صبيانا و نساءا و شيوخا" و كأننا في عصر المنجنيق و ليس في عصر العبوات الناسفة و القاذفات و السيارات المفخخة و الأسلحة الدقيقة.

طبعا، الشيخ تناسى ذكر ما جاء في القرآن عن تحريم قتل الروح البشرية مهما كان أصلها و جنسها و لونها. رفض ذكر الآية التي تقول "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا." لكن هيهات أن يتذكر الظواهري النص القرآني... إلا عندما يريد توظيفه لتبرير جرائمه.

لن نطيل الحديث هنا عن محتوى كتاب الظواهري فهذا الكتاب محاولة يائسة أخرى للذود عن ما تبقى من مكاسبه القليلة بعدما هاجره الكثير ممن غرر بهم و خسر المعركة الميدانية في أفغانستان و العراق كما خسر المعركة الفقهية-الشرعية مع أكبر منظر للجماعات الجهادية، أستاذه و معلمه الشيخ عبد العزيز عبد القادر، الذي تاب و عاد إلى طريق الصواب.

يبقى أن نذكر هنا أن كتاب التبرئة يعج بالمغلاطات الفقهية و التاريخية بالإضافة إلى أسلوبه اللغوي الهون الذي لا يرتقي إلى مستوى كتب كبار الفقهاء و علماء الدين.

في الأخير نذكّر الشيخ الظواهري ببعض الأبيات التي خطها أمير الشعراء، أحمد شوقي، ناصحا أمثال هذا الجهادي الذي ينسب لنفسه زيغا و بهتانا العلم و المعرفة و الجبروت لعل ذلك يذكره، إن نفعت الذكرى، ببعض الحكمة:

وتجنب كل خلق لم يرق إن ضيق الرزق من ضيق الخلق

كل حي ما خلا الله يموت فاترك الكبر له والجبروت

أطلب الحق برفق تحمد طالب الحق بعنف معتدي

أحبب الطفل وإن لم يك لك إنما الطفل على الأرض ملك

هو لطف الله لو تعلمه رحم الله امرأً يرحمه




الجمعة، 7 مارس 2008

قراءة في مقتل عماد مغنية: سوريا تطلق حزب الله


حادثة إغتيال القيادي العسكري لحزب الله عماد مغنية في دمشق سابقة خطيرة في المعادلات الإقليمية للمنطقة ليس فقط بسبب إغتيال قيادي بحجم مغنية و لكن بسبب الإرتباك السياسي الذي نجم عن هذه الحادثة.

فمقتل هذا القيادي الميداني يعيد إلى الأذهان الكثير من الأحداث التي عرفتها المنطقة و التي يصعب فهمها و تفكيك شفرات رسائلها. و أهم هذه الأحداث مقتل صبري البنا، القيادي الفلسطيني المعروف باسم أبو نضال، في بغداد قبيل بدأ الحرب في العراق في بداية سنة 2003. فقد إغتال نظام صدام حسين أبا نضال للتخلص منه و بعث رسالة واضحة للإدارة الأمريكية التي كانت ماضية في التحضير للحرب مفادها أن العراق لم يعد ملجأ للإرهابيين و أن العراق أقدم على التخلص من آخر الإرهابيين المطلوبين أمريكيا. لكن الرسالة جاءت متأخرة و غير كافية، و تلكم قضية أخرى.

بخلاف المرات السابقة التي تتشدق فيه إسرائيل بمقتل أعدائها و تحاول قدر الإمكان تضخيم الأمور و إظهار إنجازاتها المخابراتية و الميدانية للعالم على أنها بطولات لإثبات أسطورة إسرائيل التي لا تهزم، لم يبد زعماء الدولة العبرية أي دليل يثبت تورطهم في هذه العملية و لم يتباهوا بنجاحهم رغم الرغبة الملحة للتبجح بنجاح باهر في خضم الحرب الإعلامية التي يخوضها العدوان اللدودان و خاصة بعد كارثة صيف 2006 في لبنان.

الخاسر الأكبر في هذه العملية هو بالدرجة الأولى هو حزب الله و الجماعات الإرهابية الأخرى التي تتغطى تحت شجرة النظام السوري، فسواء تمكن هذا الأخير من اعتقال القتلة المحتملين للزعيم اللبناني أو لم يتمكن من ذلك. فإن تمكنت أجهزة الإستخبارات و الأمن في دمشق من اعتقال أي فرد تستطيع إلصاق التهمة له سيكون إعترافا ضمنيا بتغلغل الأجهزة الإستخباراتية الأجنبية للتراب السوري و اختراقها للأجهزة الأمنية السورية و هذا يعني استحالة توفير الأمن لكل الذين فروا من بلدانهم طلبا للأمن في سوريا.

أما إذا لم توقف السلطات السورية لأي مشتبه به فإن ذلك يؤكد نظرية المؤامرة السورية و محاولتها التخلص من ضيوف أضحوا عبئا ثقيلا عليها و مصدرا لقائل كثيرة كوضعها في قائمة الدول الراعية للإرهاب و المصائب التي يجلبها هذا التصنيف. و هذه الفرضية هي الأقرب إلى الواقع. ذلك أن النظام في دمشق يئس من تراكم الإحباطات التي يجلبها واحدة تلو الأخرى هؤلاء الضيوف من أعضاء حزب الله و جند الشام و فتح الإسلام و المقاتلين الأجانب الذين يعبرون إلى العراق الذين جاءوا في بداية الأمرلتبادل الخدمات مع النظام السوري: السماح لهم بالإقامة و الحركة مقابل إستعمالهم كأوراق ضغط من قبل نظام الأسد لتحقيق مآربه و البقاء في سدة الحكم.

بعد تجربة طويلة في احتضان مختلف التنظيمات المقاتلة و مقاتليها، أصبحت دمشق تعي أن الضرر الذي يجلبه أولائك الإرهابيون أكبر بكثير من الفائدة المرجوة منهم. فالنظام تأكد أن العدو رقم واحد، أي إسرائيل، لا يريد تغييره لأن هذه الأخيرة لن تجد أفضل من عائلة الأسد لإدامة حالة اللاحرب و اللاسلم و التي تخدم إسرائل بالدرجة الأولى، ناهيك أن النظام السوري أثبك في أكثر من مناسبة أن المبادئ القومية التي يتغنى بها ليل نهار ما هي إلا شعارات جوفاء لا تسمن و لا تغني عن جوع. و لهذا فإن النظام العلوي في دمشق بدأ ينفذ سلسلة من الإجراءات هدفها إرسال رسائل مشفرة لألد أعداءه، إسرائل و الولايات المتحدة، فحواها الرسالة أن النظام السوري يريد العودة إلى حظيرة الأمم المعتدلة، شأنها في ذلك شأن ليبيا القذافي التي بدأت تجلب ثمار تحولاتها الجذرية.

و لأن التحالف الإستراتيجي مع إيران، و ذراعها العربية حزب الله، ليس بالتحالف الأبدي و لا بالتحالف الناجح سياسيا و اقتصاديا، و لم يجن النظام السوري سوى المصائب منه، بات من المؤكد أن دمشق يئست من العزلة و تريد التخلص من هذا الإرتباط في أقرب وقت ممكن كي ينجو النظام بنفسه و يحافظ على ما يمكن المحافظة عليه قبل فوات الأوان.

يخطأ الذين ينساقون وراء الخطاب الرسمي السوري و ما يوازيه من تهريج سياسي و كلامي من قبل حزب الله لتقبل فكرة اغتيال عماد مغنية من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة. فالدولتان لم تستطيعا أن تقتلاه كل هذه السنين رغم تربعه على قائمة المطلوبين لأن السوريين قدموا له الحماية اللازمة لأمنه و سلامته و استعملوه لتحقيق أغراضهم و بالمقابل سُمح له باستعمال سوريا ملجأ و مخبأ و مركز انطلاق لعملياته. لكن لما أصبح الرجل عبئا ثقيلا على النظام لم يتردد هذا الأخير عن التخلص منه لأن الربح الذي سيجنيه من أمريكا أكبر بكثير من الإحتفاظ به. و ليست هذه العملية الأولى، و بالتأكيد لن تكون الأخيرة، لأن سوق المساومة و التنازلات بدأ و النظام السوري يعرف كيف يقدم الهدايا التي ترضي من يهددونه. و سوف تعرف الآونة المقبلة إغتيالات أخرى لتأكيد نية النظام في تغيير مساره.

و لعل في اغتيال عماد مغنية عبرة لخالد مشعل و رفاقه المقيمين في سوريا. لأن الأسد و أجهزته سيضطرون لتقديمه أضحية لإحتواء غضب إسرائيل من تصاعد دور حماس في غزة و كسب ود الإدارة الأمريكية التي فقدت صبرها مع النظام السوري. فبقاء خالد مشعل في دمشق إنتحار مبرمج و مؤكد له لا ينتظر سوى موعدا للتنفيذ. ذلك لأن القاعدة الثابتة في حياة الأنظمة الشمولية أن الضيوف يضلون ضيوف مهما طالت زيارتهم و مهما بالغ المستضيف في كرم ضيافته. فسيأتي يوم يبلغ الضيف وزن مثقاله، إذ عكس الأنظمة الشفافة التي تطلب من الضيف الثقيل أن يرحل إذا ما تجاوز حدود الضيافة فإن الأنظمة القاتمة تلجأ دائما إلى " الحل النهائي" ألا و هو التخلص من الضيف إلى الأبد.